Search - للبحث فى مقالات الموقع

Thursday, July 20, 2017

شعب مصر


اذا اقتضى الامر لحمل السلاح والمقاومه الشعبيه سنحمله كما حدث فى قتال الشوارع فى 56 وحرب الاستنزاف وقتال الشوارع فى السويس فى 73 احنا معاك ياريس مع جيشنا وقوات الامن 
#تحيامصر


No automatic alt text available.

كلام

Image may contain: 1 person

كلام

No automatic alt text available.

Wednesday, March 26, 2014

توفى الى رحمه الله اللواء / فؤاد شعلان

انا لله وانا اليه راجعون
توفى الى رحمه الله اللواء / فؤاد شعلان
والد الدكتور اسامه شعلان
صلاه الجنازه من مسجد السيده نفيسه بالقاهره اليوم 26/3/2014

Wednesday, March 7, 2012

الجهاز العصبى nervous system




الجهاز العصبى 
nervous system  متخصص في تلقي التنبيهات ومكاملة المعلومات وتوجيه الجسم، تبعث بتفرعات إلى كل الأنسجة والأعضاء، كي يتلقى التنبيهات من المحيط ومن داخل البدن، ويرسل أوامر إلى الأعضاء، مما يجعل أقسام البدن تعمل على نحو منسق ومتكامل.
الشكل (1) شكل تخطيطي للمشبك
العنصر التشريحي الأساسي في الجملة العصبية هو الخلية العصبية، التي تتكون من جسم واستطالات متفرعة منه، ويُطْلََقُ عليها اسم العَصَبون neuron، تنشأ من جسم الخلية استطالة أسطوانية محورية ذات اتجاه محدد يُطْلَقُ عليها اسم المحوارaxon. أما الاستطالات القصيرة المتفرعة فهي تتجه إلى نواحٍ مختلفة، ويُطْلَقُ عليها اسم التغصنات dendrites. وتُدعَمُ العصبونات بخلايا يُعْرَفُ مجموعها باسم الدبق العصبيneuroglia، وتعمل على دعم العصبونات وعزلها وتغذيتها.
تسير الدفعة العصبية nervous impulse داخل العَصَبون من التغصنات إلى جسم الخلية، ومنه إلى المحوار؛ وتنقل المحاوير الدفعة العصبية بعيداً عن جسم الخلية. ينتقل التنبيه من عصبون إلى آخر عن طريق بنية متخصصة تسمى المشبك synapse.
تنقسم الجملة العصبية طبوغرافياً إلى جملتين: مركزيةcentral ومحيطية peripheral، وهنالك قسم وظيفي يسمى الجملة العصبية المستقلة[ر] (أو الذاتية).
تتألف الجملة العصبية المركزية من الدماغ والنخاع الشوكي، اللذين يتكونان من مادتين سنجابية وبيضاء، وتشمل الجملة المحيطية بقية المكونات الأخرى، التي هي جذورُ الأعصاب والعُقدُ والضفائر والأعصابُ، والنهايات العصبية المحيطية.
تحيط بالدماغ والنخاع الشوكي أغشية تسمى السحايا، ويحوي الدماغ أجوافاً تسمى البطينات ventricles. والأجواف تحوي الضفائر المشيمية  choroid plexusesالتي  تتألف من أوعية دموية كثيرة تحيط بها خلايا من بطانة جدران البطينات، وتقوم بإفراز السائل المخي الشوكيcerebrospinal fluid الذي يملأ البطينات ويخرج من أحدها (من سقف البطين الرابع)،  لينفرغ في حيز من السحايا هو الحيز تحت العنكبوتي، فيحيط بالدماغ والنخاع الشوكي[ر. السحايا (تشريح ـ)].
تغذي الدماغ شرايين تؤمن له إمداداً وافراً بالأكسجين والغليكوز، ويتلقى نحو 15% من نتاج القلب.
الدماغ
الشكل (2) الجهاز العصبي المركزي
الشكل (3) الجملة العصبية المركزية
يشكل الدماغ Encephalon brain نحو 1/50 من وزن البدن، ويقع ضمن جوف القحف. وفي الدماغ أقسام هي: المخ cerebrum، وجذع الدماغbrainstem الذي ينقسم إلى الدماغ المتوسط midbrain والجسر pons والنخاع المتطاول medulla oblongata (أي البصلة السيسائية)، والمخيخ.
المخ: يطلق اسم المخ على قسم من الدماغ يقع ضمن القحف فوق المخيخ وجذع الدماغ، وينقسم بوساطة شق عميق يسمى الشق المخي الطولانيlongitudinal cerebral fissure إلى نصفي كرة مخية يمنى ويسرى يحوي كل منهما بطيناً وحشياً (جانبياً)، ويرتبط نصفا الكرة في العمق أحدهما بالآخر بوساطة كتلة من مادة بيضاء (ألياف عصبية)، وتسمى البدن الثفني corpus callosum، ويفصل بين نصفي الكرة امتداد من الأم الجافية يسمى منجل المخ falx cerebri، ويمتد في العمق حتى البدن الثفني. يتألف القسم السطحي من المخ من أجسام خلايا عصبية، أي من مادة سنجابية، تشكِّلُ القشرةَ المخية cerebral cortex، أما الطبقات الأعمق فهي مؤلفة من ألياف عصبية، أي من مادة بيضاء.
تبدي قشرة المخ طيات وانثناءات كثيرة، تسمى المناطق الظاهرة من الطيات التلافيف gyri، وتفصل بين التلافيف أثلام sulci أو شقوقfissures، وتزيد هذه التلافيف من مساحة المنطقة السطحية من المخ زيادة كبيرة.
الشكل 4 فصوص المخ وأثلامه
تقسم أثلام عميقة كل نصف كرة مخية إلى فصوص تتخذ أسماء العظام القحفية المغطية لها، وهي الفصوص الرئيسة الآتية: الجبهيfrontal، والجداري parietal، والصدغي temporal، والقذالي occipital، وتسمى الأثلام الفاصلة بين الفصوص الثلم المركزيcentral sulcus، والثلم الوحشي (الجانبي) lateral sulcus، والثلم الجداري القذالي parieto- occipital sulcus.
يتألف لب المخ من مادة بيضاء تكوّنها أليافٌ عصبية أو سبل تربط بين الفصوص، وأليافٌ عصبيةٌ صادرةٌ من القشرة إلى المراكز الأدنى في الجملة العصبية أو واردةٌ إلى القشرة من هذه المراكز. تمر معظم الألياف الصادرة من المخ والواردة إليه في منطقة مهمة واقعة بين النوى القاعديةbasal  ganglia والمهاد thalamus تعرف باسم المحفظة الداخلية internal capsule.
تنطمر ضمن اللب كتل مهمة من مادة سنجابية تشمل النوى القاعدية والمهاد والوطاء hypothalamus.
ـ وظائف المخ: هناك ثلاثة أشكال من الفعاليات ترتبط بالقشرة المخية:
ـ الفعاليات العقلية المعنية بالذاكرة، والذكاء، وحس المسؤولية، والتفكير، والمحاكمة، والسلوك الأخلاقي.
ـ التلقي الحسي الشامل لاحساسات الألم، والحرارة، واللمس، والبصر، والسمع، والذوق، والشم.
ـ تحريك العضلات الهيكلية، أي الإرادية.
تتخصص بعض المناطق المخية بالتلقي الحسي والفعالية الحركية الإرادية، إلا أن من غير المحتمل أن ينحصر عمل أي منطقة في وظيفة واحدة. يُطْلَقُ على هذه المناطق المتخصصة اسم باحات areas، وأهم الباحات الوظيفية هي:
الشكل 5 الباحات الوظيفية في المخ
ـ الباحة الحركية: motor area تقع هذه الباحة في الفص الجبهي، وفي التلفيف الجبهي الصاعد مباشرة أمام الثلم المركزي، وعصبونات هذه الباحة مسؤولة عن إطلاق أوامر تقلص العضلات الهيكلية، وتنزل محاوير هذه العصبونات إلى جذع الدماغ، وهنا إما أن تشتبك هذه الألياف مع نوى الأعصاب القحفية في جذع الدماغ في الجانبين الموافق والمقابل، أو أنها تعبر في أسفل البصلة إلى الجانب المقابل ثم تنزل في النخاع الشوكي، وتصنع الألياف مشابك مع عصبون ثانٍ ينتهي ليفه، أي محواره، على الصفيحة الحركية الانتهائية لليف العضلي في المستوى المناسب من النخاع الشوكي. وهذا يعني أن الباحة الحركية لنصف الكرة المخية الأيمن يسيطر على حركة العضلات الإرادية في الجانب الأيسر من البدن، والعكس. العصبون الذي يقع جسمه في المخ هو العصبون الحركي العلويupper motor neurone والعصبون الآخر الذي يقع جسمه الخلوي في جذع الدماغ أو النخاع الشوكي هو العصبون الحركي السفلي، وينجم عن أذية أي من العصبونين شلل.
في الباحة الحركية للمخ تمثيل للجسم من الأعلى نحو الأسفل، فالخلايا الأقرب إلى القمة تتحكم بالقدمين، في حين أن الخلايا الكائنة في أخفض قسم تتحكم بالرأس والعنق، وتكون مساحة الباحات القشرية الممثلة لأقسام البدن المختلف متناسبة مع تعقيد الحركة للقسم المعني من البدن، لا مع حجمه، أي أن اليد والقدم واللسان والشفتين ممثلة بباحات قشرية واسعة مقارنة بما يمثل الجذع.
ـ الباحة أمام الحركية premotor area: تقع أمام الباحة الحركية مباشرة، ويعتقد  أنها تسيطر على الباحة الحركية، فعند الكتابة أو ربط الحذاء مثلاً، تتقلص مجموعة من العضلات، ويتطلب ذلك انسجام الحركات وتنفيذها وفق تواتر محدد يدخل في نطاق المهارة التي تضمنها هذه الباحة، والقسم السفلي من هذه الباحة متخصص في الكلام ويُعْرَفُ باسم باحة الكلام الحركية motor speech area، وهي المسيطرة في نصف الكرة الأيسر لدى الأيامن، وعلى نقيض ذلك عند العسر.
ـ الباحة الجبهية: تمتد هذه الباحة من الباحة أمام الحركية السابقة لتشمل بقية الفص الجبهي، وهي منطقة واسعة، وذات تطور ملحوظ لدى الإنسان مقارنة بالحيوانات، وتعد هذه الباحة مسؤولة عن السلوك والشخصية والحالة العاطفية.
ـ الباحة الحسية sensory area: تقع في التلفيف الجداري خلف الثلم المركزي. ويتم هنا تلقي حس الألم والحرارة والضغط واللمس ومعرفة الحركة المفصلية ووضعية المفاصل، وتتلقى الباحة الحسية لنصف الكرة الأيمن دفعات من الجانب الأيسر من البدن، والعكس، ويتناسب حجم المناطق الممثلة لأقسام البدن المختلفة مع أهمية التعصيب الحسي، فالمنطقة الممثلة للوجه مثلاً كبيرة المساحة على نحو يوافق غنى التعصيب الحسي في الوجه.
الشكل 6 يبين هذا الشكل أـ طريقة تمثيل الجسم في الباحة الحركية في المخ، ب ـ طريقة تمثيل الجسم في الباحة الحسية في المخ.
ـ الباحة الجدارية: تقع خلف الباحة الحسية الكائنة في التلفيف خلف المركزي، وتشمل قسماً كبيراً من قشرة الفص الجداري، ويُعْتَقَدُ أنها معنية بالمعرفة اللمسية الدقيقة للأجسام وتخزين هذه المعرفة.
ـ باحة الكلام الحسية: تقع في القسم السفلي من الفص الجداري، وتمتد ضمن الفص الصدغي، ويتم هنا تلقي الكلام المسموع، وتكون الباحة مسيطرة في نصف الكرة الأيسر لدى الأيامن، في حين يكون نقيض ذلك عند العسر.
ـ الباحة السمعية: auditory area تقع في الفص الصدغي مباشرة تحت الثلم الوحشي (الجانبي)، وتتلقى الخلايا الدفعات التي ينقلها القسم القوقعي (السمعي) من العصب الدهليزي القوقعي، وتفسِّرها.
ـ الباحة الشمية olfactory (smell) area: تتوضع عميقاً في الفص الصدغي، وتتلقى الدفعات العصبية الواصلة من الأنف عن طريق العصب الشمي، وتفسرها.
ـ الباحة الذوقية taste area: يعتقد أنها تقع مباشرة فوق الثلم الوحشي تحت القسم السفلي من الباحة الحسية،  وتتلقى الدفعات من نهايات عصبية، ولاسيما في البراعم الذوقية اللسانية والشدقية والحنكية والبلعومية.
ـ الباحة البصرية: visual area تقع في الفص القذالي، خلف الثلم الجداري القذالي، على جانبي ثلم خاص يسمى الثلم المهمازي، ينطلق العصب البصري من كل عين وتصل أليافه هذه الباحة التي تتلقى الدفعات العصبية وتفسرها كانطباعات بصرية أولى.
تتوضع النوى القاعدية عميقاً ضمن نصفي كرة المخ، وترتبط وظيفياً بالقشرة، ويعتقد أنها تشارك في التحكم بالتوتر العضلي في الفعاليات البطيئة والمتناسقة.
يقع المهاد على جانبي البطين الثالث الواقع في الخط الناصف، وهو محطةٌ على طُرُقِ الحواس تعيد توزيع هذه الحواس إلى قشرة المخ.
يقع الوطاء تحت المهاد، وفوق الغدة النخامية pituitary gland مباشرة. وهو موصول بالغدة النخامية بأعصاب وأوعية تجعله يسيطر على الهرمونات الصادرة من الغدة، وتشمل الوظائف الأخرى التي يسيطر عليها الوطاء التحكم بالجملة العصبية المستقلة، والشهية والشبع، والعطش وتوازن الماء، وحرارة البدن، والتفاعلات العاطفية مثل السرور والخوف والغضب، والسلوك الجنسي وتربية الأطفال، والمواقيت الحيوية مثل دورة النوم واليقظة، وإفراز بعض الهرمونات.
ـ السيطرة المخية: من المقبول أن هنالك سيطرة لأحد نصفي الكرة المخية على النصف الآخر على نحو يسيطر لدى الشخص الأيمن نصفُ الكرة المخية الأيسر وعلى النصف الأيمن عند العسران، إلا أن هذا المفهوم ترك مكانه حالياً إلى مفهوم تبارز وظائف أو فعاليات معينة في أحد النصفين؛ هذا إضافة إلى أنه إذا كان أحد النصفين يوجه وظيفة ما فإن إنجاز هذه الوظيفة يتطلب عمل النصفين معاً، فإذا كان نصف الكرة المخية مسؤولاً «عمَّا نقوله» فإن النصف الأيمن مسؤول عن «الطريقة التي نتحدث بها».
وعموماً لدى الأيامن، يعالج نصف الكرة الأيسر المعلومات التحليلية في حين يتخصص النصف الأيمن في المعالجة الإجمالية للمعلومات. إن نصف الكرة المخية الأيمن مسؤول عن إدراك الأشكال والوضع في الفضاء، ومن ثم إدراك مخطط البدن، ويعمل بالأحرى بطريقة قياسية analogic وترابطية correlative، ويعنى بما هو ملموس، ويشارك في العاطفة والانتباه، أما نصف الكرة الأيسر فهو مسؤول عن التجريد والترميز والمنطق، أي إنه مسؤول عن المعرفة والتعبير، ويعمل بطريقة تحليلية، ويوجه نحو الفعل والمبادرة. وقد أمكن القول إن نصف الكرة الأيسر يسود في الرياضيات في حين يسود النصف الأيمن في الفن من رسم ونحت وموسيقى.
جذع الدماغ: يضم الدماغ المتوسط والجسر والنخاع المتطاول (أي البصلة السيسائية).
الدماغ المتوسط: هو منطقة من الدماغ واقعة بين المخ في الأعلى والجسر في الأسفل، ويتألف من أليافٍ عصبية تربط المخ بجذع الدماغ والنخاع الشوكي، ونوى لبعض الأعصاب القحفية.
الجسر: هو منطقة من الدماغ واقعة تحت الدماغ المتوسط وفوق النخاع المتطاول (البصلة السيسائية)، بنيته شبيهة ببنية الدماغ المتوسط.
 النخاع المتطاول (البصلة السيسائية): يمتد النخاع المتطاول (البصلة السيسائية) من الجسر الواقع فوقه ليتواصل مع النخاع الشوكي في الأسفل. ويبلغ طوله نحو 5.2سم، ويقع ضمن القحف مباشرة.
ـ وظائف جذع الدماغ:
يحوي جذع الدماغ ـ إضافة إلى حزم الألياف الواصلة بين الدماغ والنخاع الشوكي ـ نوى الأعصاب القحفية، ونوى أقل انتظاماً، وبعض نوى حسية تشكل محطات توصيل للألياف الحسية الذاهبة من النخاع الشوكي إلى الدماغ.
تتميز في النوى مجموعات خلايا مرتبطة بفعالية المنعكسات المستقلة (الذاتية)، ومعروفة باسم المراكز الحيوية vital centers. هذه المراكز هي:
ـ المركز القلبي الوعائي cardiovascular center: يسيطر على نظم التقلص القلبي وقوته. تذهب الألياف العصبية المستقلة الذاتية من النخاع المتطاول (البصلة) إلى القلب، ويعمل التنبيه الودي على زيادة معدل نبض القلب وقوته.
تذهب الألياف نظيرة الودية مباشرة إلى القلب، ويعمل التنبيه نظير الودي على إبطاء القلب وإضعاف قوة نبضه[ر. العصبية المستقلة (الجملة ـ)].
ـ المركز التنفسي respiratory center: يتحكم بمعدل التنفس وعمقه، تذهب الدفعات العصبية من هذا المركز إلى العصب الحجابي والأعصاب الوربية التي تحرض تقلص الحجاب والعضلات الوربية فيتم الشهيق، يتنبه مركز التنفس بوساطة ارتفاع ثاني أكسيد الكربون ونقص الأكسجين في الدم، وبوساطة الدفعات العصبية من المستقبلات الكيمائية الواقعة في السباتيين.
ـ المركز المحرك للأوعية vasomotor center: يتحكم بقطر الأوعية الدموية، ولاسيما الشرايين الصغيرة والشُرَيِّنات التي تحوي في جدرانها نسبة كبيرة من الألياف العضلية الملساء، ويمكن للتنبيه أن يحدث تقبّضاً أو توسّعاً في الأوعية الدموية تبعاً لموقع الأوعية.
مصادر تنبيه المركز المحرك للأوعية هي مستقبلات الضغط الشرياني وحرارة البدن، والانفعالات كالإثارة الجنسية والغضب، يسبِّب الألمُ عادة تقبّضاً وعائياً، لكن الألم الشديد قد يحدث توسّعاً وعائياً وهبوطاً في الضغط الشرياني وإغماء.
ـ مراكز المنعكسات reflex centers: عندما تدخل مواد مخرشة في المعدة أو السبيل التنفسي تذهب الدفعات العصبية إلى النخاع المتطاول (البصلة)، فتنبه مراكز المنعكسات التي تطلق الأفعال الانعكاسية للقياء والسعال والعطاس بغية طرد المخرش.
المخيخ
يقع المخيخ cerebellum في جوف القحف خلف الجسر، وتحت القسم  الخلفي من المخ. شكله بيضوي، ويتألف من نصفي كرة يفصل بينهما ناصف ضيق يسمى الدودة vermis، ويتألف سطح المخيخ من قشرة سنجابية، ويتألف لبّه من مادة بيضاء تكتنف بعض نوى مخيخية.
ـ وظائف المخيخ: يعنى المخيخ بتنسيق الحركة العضلية الإرادية والوضعة position  والتوازن. ولاتخضع الفعالية المخيخية إلى السيطرة الإرادية، ويتحكم المخيخ بمجموعة مختلفة من الحركات وينسق بينها ضامناً بذلك نعومة الإنجاز ودقته. وهو ينسق بين الفعاليات المعنية بالحفاظ على توازن البدن، وترد المعلومات الحسية المتعلقة بهذه الوظائف من العضلات والمفاصل والأذنين والعينين، وتدل الدفعات البدنية المُستقبَلة proprioceptor impulses من العضلات والمفاصل على وضعية هذه العضلات والمفاصل بالنسبة للجسم كلّه؛ وتزوِّد القنوات نصف الدائرية في الأذنين معلومات حول وضعية الرأس في الفراغ. تؤثر الدفعات الصادرة من المخيخ في تقلص العضلات الهيكيلية على نحو يتم فيها الحفاظ على التوازن والوضعة. تؤدي أذية المخيخ إلى حركة عضلية خرقاء وغير متناسقة، ومشية مترنحة، وعدم القدرة على القيام بحركات ثابتة ودقيقة.      
النخاع الشوكي
النخاع الشوكي spinal cord (medulla spinalis) قسم من الجملة العصبية المركزية متطاول وشبه أسطواني، معلق في النفق الفقري ومحاط بالسحايا والسائل المخي الشوكي، ويتواصل في الأعلى مع النخاع المتطاول (البصلة السيسائية)، ويمتد من الحافة العلوية للفقرة الرقبية الأولى، أي الفهقة atlas إلى الحافة السفلية للفقرة القطنية الثانية، يَبلغ طوله لدى الرجل البالغ نحو 45سم، ويبلغ قطره نحو قطر الخنصر. وعند الحاجة إلى عينة من السائل المخي الشوكي، يسحب السائل بوساطة إبرة تدخل في نقطة واقعة تحت النهاية السفلية للنخاع الشوكي، أي تحت مستوى الفقرة القطنية الثانية، ويسمى هذا الإجراء البزل القطني lumbar puncture. يظهر مقطع النخاع الشوكي المعترض أن هذا النخاع مكون من مادة بيضاء في المحيط ومادة سنجابية في المركز.
ـ المادة البيضاء: تنتظم المادة البيضاء في النخاع الشوكي في ثلاثة أعمدة columns أمامي وخلفي ووحشي، في كل جانب. تتألف هذه الأعمدة من سبل الألياف العصبية الحسية الصاعدة إلى الدماغ، والألياف العصبية الحركية النازلة من الدماغ، وألياف العصبونات الرابطة. وغالباً ما تسمى السبل نسبة إلى مناطق نشوئها وانتهائها، ومثال ذلك السبيل الشوكي المهادي، والسبيل القشري الشوكي.
ـ مصادر الحس الذي تنقله السبل العصبية الحسية الصاعدة (الواردة) في النخاع الشوكي: ثمة مصدران رئيسان للحس المنقول إلىالدماغ بوساطة النخاع الشوكي:
الشكل 7 يبين أحد الطرق العصبية الحسية من الجلد.
أـ المستقبلات الجلدية: cutaneous receptors التي  هي نهايات عصبية حسية تتنبه بالألم والسخونة والبرودة واللمس، بما في ذلك الضغط، وتنتقل الدفعات العصبية المتولدة بثلاثة عصبونات إلى الباحة الحسية في نصف كرة المخ في الجانب المقابل، ويحدث العبورُ إلى الجانب الآخر، أي التصالبُ decussation، في مستوى النخاع الشوكي أو النخاع المتطاول (البصلة السيسائية).
ب ـ مستقبلات الحس العميق: proprioceptors التي هي نهايات عصبية حسية في الأوتار والعضلات والمفاصل تتنبه بوساطة الشد، وتشترك متعاونة مع دفعات من العينين والأذنين في الحفاظ على التوازن والوضعة وإدارك موقع البدن في الفراغ.
ـ السبل العصبية النازلة (الصادرة) في النخاع الشوكي: العصبونات التي تنقل الدفعات العصبية إلى النخاع الشوكي، ومنه إلى العضلات الهيكلية والعضلات الملساء والعضلة القلبية والغدد هي العصبونات الحركية (الصادرة أو النازلة). تتألف الطرق الحركية الذاهبة من الدماغ إلى العضلات من عصبونين حركيين علوي وسفلي، وأهم هذه السبل السبيل القشري الشوكي، المعروف أيضاً باسم السبيل الهرمي، ويقع جسم العصبون الحركي العلوي في قشرة المخ، ويسلك محواره مع السبيل الهرمي عابراً جذع الدماغ قبل بلوغه النخاع الشوكي ليشتبك مع الأجسام الخلوية للعصبونات الحركية السفلية. يقع جسم العصبون الحركي السفلي في القرن الأمامي للمادة السنجابية في النخاع الشوكي، وينبثق محواره من النخاع الشوكي عبر الجذر الأمامي للعصب الشوكي الذي ينضم إلى الجذر الخلفي الحسي للعصب لتشكيل العصب الشوكي الممزوج، ويتفرع المحوار قرب انتهائه في العضلة إلى فروع صغيرة جداً تشكل الصفيحات الحركية الانتهائية motor-end plates.
ـ المادة السنجابية: يشبه انتظام المادة  السنجابية grey matter في النخاع الشوكي شكل حرف H. المادة السنجابية مثقوبة في مركزها بالقناة المركزية التي هي استمرار للبطين الرابع (الذي هو جوف من أجواف الدماغ)، وتصنف الأجسام الخلوية التي في المادة السنجابية مصنفة في ثلاثة أصناف هي: خلايا حسية واقعة في العمود الخلفي تتلقى الدفعات من أعضاء البدن، وعصبونات حركية سفلية تنقل الدفعات إلى العضلات الهيكلية، وعصبونات رابطة connector neurones تصل بين العصبونات الحسية والحركية.  
الشكل 8 مقطع في النخاع الشوكي يظهر الجذور العصبية في جانب واحد
ـ المنعكسات الشوكية: تتألف هذه المنعكسات من ثلاثة عناصر هي: العصبونات الحسية، والعصبونات الرابطة في النخاع الشوكي، والعصبونات الحركية السفلية. والفعل الانعكاسي reflex reaction استجابة حركية فورية للتنبيه الحسي، ويمكن لكثير من العصبونات الرابطة والحركية أن تتنبه بوساطة دفعات من منطقة صغيرة في الجلد، فمثلاً، تنتقل دفعات الألم الناجمة عن سطح حار جداً من الإصبع  اللامسة إلى النخاع الشوكي عن طريق الأعصاب الحسية، وتنبِّه هذه الدفعات الألمية عصبونات رابطةً وعصبونات حركيةً سفلية كثيرة في النخاع الشوكي، مما يؤدي إلى تقلص عضلات هيكلية كثيرة في اليد والعضد والكتف ويؤدي إلى انسحاب الإصبع، والهدف من هذه المنعكسات هو توفير الحماية والابتعاد عن مصدر الأذى.
في منعكسات الشد، كما في المنعكس الرضفي، أي نفضة الركبة knee jerk، ليس ثمة عصبون رابط، ولايشترك في المنعكس سوى عصبونين: حسي، وحركي سفلي؛ فعندما يُقرع الوتر الرضفي بمطرقة المنعكسات يحصل شدّ في الوتر وفي العضلة المعنية، مما يُوَلّد دفعة عصبية تذهب إلى النخاع الشوكي، لتصل إلى البدن الخلوي للعصبون الحركي السفلي الكائن في العمود السنجابي الأمامي في الجانب الموافق. ينجم عن ذلك تقلص مفاجئ في عضلة الفخذ المعنية ( العضلة مربعة الرؤوس)، و«ترفس» القدم باتجاه الأمام.
الأعصاب القحفية
هناك 12 زوجاً من الأعصاب القحفية التي تنشأ من نوى واقعة في المخ وجذع الدماغ، بعضها حسي وبعضها ممزوج. وهي تغادر جوف القحف عبر ثقوب موجودة في قاعدة القحف.
ـ جذور الأعصاب  الشوكية: ينشأ كل عصب شوكي من النخاع الشوكي بجذرين: أمامي حركي، وخلفي حسي، ويتألف الجذر الأمامي للعصب anterior nerve root من ألياف عصبية حركية هي محاوير الخلايا العصبية الكائنة في العمود الأمامي للمادة السنجابية، وتضاف إليها في المنطقتين الصدرية والقطنية ألياف عصبية ودية، ويتألف الجذر الخلفي للعصب posterior nerve root من ألياف عصبية حسية، ويجتمع الجذران الأمامي والخلفي ليشكلا العصب الشوكي الممزوج. الذي يغادر النفق الفقري ماراً عبر الثقبة بين الفقرية الموافقة، وفي النفق الفقري القطني تحت مستوى انتهاء النخاع الشوكي تتابع جذور الأعصاب الشوكية القطنية السفلية والعجزية والعصعصي الأول مسارها ضمن كيس من الأم الجافية، مشكلّةً مايعرف باسم ذيل الفرس cauda equina.
ـ الأعصاب الشوكية: هناك 31 زوجاً من الأعصاب الشوكية تغادر النفق الفقري عبر الثقوب بين الفقرية الكائنة بين الفقرات المتجاورة، وهي تقسم إلى مجموعات تستمد أسماءها من الفقرات المرتبطة بها، وهي تعد في كل جانب كمايأتي: 8 أعصاب رقبية و12 عصباً صدرياً و5 أعصاب قطنية و5 أعصاب عجزية وعصب عصعصي واحد، ويتألف كل عصب من اجتماع جذرين أمامي وخلفي، وينقسم مباشرة بعد خروجه من الثقبة بين الفقرية إلى فرعين أمامي وخلفي. وهو يتصل قبل هذا الانقسام بالجذع الودي بوساطة فروع عصبية مُوصِّلةcommunicans، وتذهب الفروع الخلفية posterior rami باتجاه الخلف لتعصب الجلد والعضلات في الجدار الخلفي للرأس والعنق والجذع، وتعصب الفروع الأمامية الجدارين الوحشي والأمامي في العنق والجذع إضافة إلى الأطراف العلويين والسفليين.
تجتمع الفروع الأمامية في المناطق الرقبية والقطنية والعجزية بعضها مع بعض لتشكل أعصاباً  متشابكة تعرف باسم الضفائر plexuses؛ إذ يُعاد تجمع الألياف العصبية وتنظيمها قبل انطلاقها إلى الجلد والعظام والعضلات والمفاصل في مناطق محددة، أما في المنطقة الصدرية فإن الفروع الأمامية لاتشكل ضفائر. وهناك أربع ضفائر من الأعصاب الممزوجة هي:
ـ الضفيرة الرقبية cervical plexus: التي تتفرع منها أعصاب إلى جلد العنق وعضلاته، إضافة إلى العصب الحجابي الذي يعصب عضلة الحجاب.
ـ الضفيرة العضدية brachial plexus: التي تتفرع منها أعصاب الطرف العلوي، وبعض أعصاب عضلات الصدر.
ـ الضفيرة القطنية lumbar plexus: التي تتفرع منها أعصاب إلى الفخذ والمنطقة الأربية.
ـ الضفيرة العجزية sacral plescus: التي تتفرع منها أعصاب إلى الحوض والطرف السفلي.

Saturday, December 10, 2011

الحساسيه - Allergy

فرط التحسس
  ترجع دراسة تاريخ ظاهرتي الأرجية allergie وفرط التحسس hypersinsibilité إلى عام 1837 حين سجل ماجندي Magendie الملاحظات الأولى حول هاتين الظاهرتين من دون أن يوثقهما تجريبياً. كما أن الدراسات الرائدة التي أجراها ريشه وبورتييه Richet et Portier في مطلع القرن العشرين جعلت من هاتين الظاهرتين لغزاً محيراً، ذلك أن الأمر كان يتعلق برد فعل يناقض الحماية المألوفة التي توفرها عادة الاستجابة المناعية. وعلى الرغم من أن دور الأضداد في إحداث ظاهرتي الأرجية وفرط التحسس قد اتضح بالدراسات التي أجراها براوسنيتز Prausnitz عام 1921 على مساعده كوستنر Kustner، إذ اكتشف هذا الباحث تفاعل التأق المنفعل anaphylaxie Passive، أو تفاعل براوسنيتز - كوستنر المعروف. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأساس المناعي الواضح لظاهرتي الأرجية وفرط التحسس لم يثبت إلا في عام 1966، عندما اكتشف إيشيزاكا Ishizaka وزوجته في دنفر بالولايات المتحدة الأمريكية الغلوبلين المناعي (IgE)E، وبيّنا دور الخلايا البدينة mastocytes والخلايا الأسِسَة (الأسِسَات) basophiles في حدوث هاتين الظاهرتين. ولقد سمح اكتشاف المستأرجات allergenes التي تثير التفاعلات المؤدية إلى حدوث الأرجية لأول مرة في أواخر الستينات بوضع تعريف علمي محدد للأرجية وفرط التحسس العاجل يمكن تلخيصه على النحو التالي: تنجم هاتان الظاهرتان عن التأثير المتبادل بين المستأرج والغلوبلين المناعي (IgE)E، الذي يتثبت على سطح الخلية البدينة أو الخلية الأسسَه، مسبباً زوال الحبيبات الموجودة داخل هذه الخلايا، وتحرر محتوياتها من المواد الوسيطة médiateurs (الهيستامين histamine في الإنسان) المسؤولة عن التأثيرات الموضعية والعامة. أما أنماط فرط التحسس الأخرى غير فرط التحسس العاجل، فإنها تبدأ، هي الأخرى، بتفاعل الضد والمستضد، ولا تتطلب بالضرورة وجود IgE ولا تحرر الهيستامين. وكما يتضح مما سبق، فإن التفاعلات التي تنتهي بحدوث الأرجية وفرط التحسس تبدأ بتفاعل المستضد antigéne مع الضد anticorps.
    وعلى ذلك فإن إيضاح الأساس المناعي لهاتين الظاهرتين يقتضي تلخيص الأفكار الأساسية عن الجهاز المناعي وعن الاستجابة المناعية، وذلك قبل عرض المعطيات المتوافرة عن الأرجية وفرط التحسس.
    خلايا الجهاز المناعي
    إذا كانت خاصة التعرف وخاصة اختزان المعلومات (الذاكرة) معيارين لدرجة تطور أجهزة جسم الإنسان، فإن الجهاز المناعي يأتي في المقدمة. إن خلايا الجهاز المناعي تستطيع أن تميز مكونات الجسم (الذات self أو soi)، من المواد الغريبة (اللاذات nonself أو nonsoi)، كما تستطيع الخلية الواحدة أن تتعرف جزيئات بروتينية معينة توجد على سطح خلية أخرى، فتستجيب بردود فعل محددة. كما يمكن لخلايا هذا الجهاز أن تختزن المعلومات الناجمة عن هذه الاستجابات، لتسترجعها عندما تقتضي الحالة ذلك. ومع أن معظم الكريات البيض تدخل في بنية الجهاز المناعي، فإن هذا البحث سيقتصر على الخلايا الرئيسة في هذا الجهاز، أي البلاعم macrophages والبائيات cllules B والتائيات cellules T. كما أن البحث لن نتعرض للجزيئات البيولوجية التي تفرزها هذه الخلايا (الأنترلوكينات interleukines واللمفوكينات lymphokines)، والتي تؤثر في مستوى الاستجابة المناعية.
    البلاعم: تتشكل البلاعم، شأنها شأن خلايا الدم الأخرى، في نقي العظم، وتتجول في الدم واللمف. كما تصادف بين خلايا النسج الضامة لجميع الأعضاء تقريباً، وخاصة أسناخ الرئتين، والكبد، والطحال، والصفاق، إذ تصل إلى هذه الأعضاء من الشعريات الدموية بالانسلال diapédése. وتتصف البلعميات بشكلها المتغير وأرجلها الكاذبة، وغنى سيتوبلاسماها بالجسيمات الحالة المشحونة بعدد من الأنظيمات وخاصة الأنظيمات الحالة للبروتين. وتزداد كمية هذه الأنظيمات عند تفعيل البلعميات.
    تقوم البلعميات بوظيفة  تخليص الدوران والنسج من الأجسام الغريبة، فتدخل هذه الأجسام، بغض النظر عن طبيعتها، إلى سيتوبلاسماها بعملية الالتقام الخلوي endocytose، وتقوم عندئذ بحلمهة مكوناتها بوساطة أنظيمات الحلمهة. إن البلعميات تنجز إذن وظيفة دفاعية غريزية وغير نوعية. وإضافة إلى هذه الوظيفة المناعية البدائية فإن البلعميات تقوم في الفقاريات العليا، وخاصة الثدييات والإنسان، بوظيفة مناعية على درجة كبيرة من الأهمية، فهي لا تحلمه الأجسام الغريبة، وخاصة المستضدات، بغية التخلص منها فحسب، إنما تعرض على سطحها قطعاً من جزيء المستضد، يعرف باسم المحددة المستضدية determinant antigénique مربوطة إلى بروتين آخر موجود أصلاً على سطح البلعمية، وتعرف بمستضد الكريات البيض البشرية human leukocyte antigen (أو HLA-D، أصل الاسم بالإنكليزية)، وتشكل جزءاً من بروتينات معقد التوافق النسيجي الرئيسي أوcomplexe majeur d,histocompatibilité (أو CMH). فالجسم الغريب لا يصبح استضدادياً إلا إذا عرض على سطح البلعمية مرتبطاً بمستضد الكريات البيض البشرية HLA-D، حيث تستطيع الخلية التائية تعرّفه. إن البلعمية إذن تقوم بدور خلية مقدِّمة للمستضد (CPA) cellule presentant L,antigene. إن الاستجابة المناعية لا تحدث من دون هذا التقديم.
    البائيات: اكتشف هذه الخلايا أول مرة عند الطيور في جراب فبريسيوس bourse de Fabricius (ومن هنا أتى الحرف B اسماً لهذه الخلايا). وتتشكل هذه الخلايا عند الإنسان والثدييات في نقي العظم (bone marrow - بالإنكليزية - ولهذا استبقي الاسم نفسه)، وتتمايز فيه، أي إن كل خلية بائية تصطنع نوعاً معيناً من الغلوبلين المناعي M و D (IgM) و(IgD) تضعه على سطحها فيعمل مستقبلاً نوعياً للمستضد. وتختلف نوعية كل مستقبل في كل خلية بائية عن نوعية أي مستقبل آخر في أية خلية أخرى. ويقدر عدد أنواع البائيات الوظيفية في الإنسان بنحو 1×10 7 نوع أو نسيلة clone، في حين يبلغ عدد البائيات الكلي نحو 1×10 10 خلية. وهكذا، فإن عدد خلايا النسيلة الواحدة يبلغ 1×10 3 خلية تقريباً. وكما سيأتي، فإن تفعيل الخلية البائية من قبل الخلية التائية يؤدي إلى نضجها.
    ويتضمن النضج انقسام الخلية البائية عدداً من المرات، حيث تعطي في النهاية نمطين من الخلايا، يبلغ مجموعها نحو ألف خلية وهي: الخلايا المَصوَّرية plasmocyte، التي تفرز أضداداً نوعية ضد المستضد الذي استهل الاستجابة المناعية، وخلايا الذاكرة cellules à mémoire، التي تبقى هاجعة مدة طويلة نسبياً (أحياناً بضع سنوات)، فإذا ما دخل المستضد من جديد، فإنها تتعرفه وتبدأ بإفراز الضد النوعي. وكما هو معروف فإن الضد يرتبط بمستضده في الدوران، ويتشكل معقد يسهل على الجسم التخلص منه. وكما يتضح من هذا العرض فإن البائيات مسؤولة عن المناعة الخلطية immunité humorale. وتجدر الإشارة هنا إلى أن عدد أنواع الأضداد التي تصطنعها البائيات يساوي عدد نسائلها (أي نحو 1×10 7 نوع، ويتجاوز هذا العدد نظرياً الرقم 1×10 9 نوع).
    التائيات: لقد تم تعرف هذه الخلايا لأول مرة في التيموس thymus، ومن هنا أتى الحرف T اسماً لهذه الخلايا. تتشكل التائيات في نقي العظم، وتنتقل بالدوران إلى التيموس، حيث تتمايز فيها وتنضج (تخضع لعملية تربية).
    أي تصطنع بروتينات تضعها على سطحها تعرف بمستقبلات الخلية التائية، وهي أداة المعرفة الأولى لهذه الخلايا. وتختلف هذه المستقبلات بين خلية وأخرى. وتتساوى التائيات تقريباً مع البائيات من حيث العدد الكلي ومن حيث عدد النسائل (أي 1×10 10 خلية، و1×10 7 نسيلة). إن تمايز التائيات ونضجها في التيموس يؤدي إلى تربية ثلاثة أنماط من التائيات: التائيات المؤازرة T helpers  والتائيات الكابتة Tsuppressives والتائيات السامة للخلاياT cytotoxiques. وتتفعل الخلية التائية عندما تلتقي بالمستضد معروضاً على سطح البلعمية، أو على سطح الخلية التائية عندما تلتقي بالمستضد معروضاً على سطح البلعمية، أو على سطح الخلية البائية (التي تدخل بالالتقام الخلوي، تماماً كما تفعل البلعمية). فتصبح هذه الخلية التائية خلية تائية مساعدة نوعية، وتقوم عندئذ بتفعيل الخلية البائية التي تحمل على سطحها نوع المحددة المستضدية نفسه، التي عرضتها البلعمية، مرتبطة أيضاً ببروتين HLA- D أما الخلية التائية الكابتة فتثبط فاعلية الخلية التائية المساعدة والخلية البائية المفَعَّلة عندما يرتفع تركيز الضد في الدم فوق مستوى معين. وتتعرف الخلية التائية القاتلة للخلايا الخلية المخموجة بالحمة (بالفيروس)، والخلية الطافرة، وخلية الطعم (في حالة النسج والأعضاء المزروعة)، وتعمل على حلها.
    ويتضح من هذا العرض أن المناعة الخلوية Immunité cellulaire ترتبط ارتباطاً أساسياً بوظائف نمط من أنماط الخلية التائية (التائيات القاتلة للخلايا). ولا بد من التنويه هنا بنوع خلوي ذي أصل مجهول حالياً، يرجح أنه ينتمي إلى التائيات، ويعرف باسم القاتلة الطبيعية NK- natural killer (أصل الاسم بالإنكليزية)، وتقوم هذه الخلايا، هي الأخرى، بقتل الخلايا الغريبة، أو الطافرة، عن طريق إطلاق جذور كيمياوية غنية فوق الأكاسيد، تحرق الخلية الهدف.
    الاستجابة المناعية
    تتلخص الوظيفة النهائية للاستجابة المناعية بحماية الجسم من المواد الغريبة (البروتينات والجراثيم، والفيروسات، والفطور، والطفيليات وغيرها). وتنجز المناعة الخلطية وظيفة التخلص من الأجسام الغريبة الموجودة بالدوران، إذ تعمل هذه الأجسام، أو مكوناتها، مستضدات، فيشكل لها الجسم أضداداً تتحد بها، فينشأ عندئذ معقد يسهل على الجسم التخلص منه بوساطة البلاعم macrophages والبعلميات phagocytes عامة. أما المناعة الخلوية، فتحمي الجسم من الحمات (الفيروسات)، والطفيليات، والخلايا الطافرة، كما تقوم بدور في رفض الطعم، ذلك أن عملية نقل الأعضاء لا تحدث في الطبيعة، وهي عمل صنعي استحدثه الإنسان. يتضح من التعريف السابق أن الاستجابة المناعية تشتمل على جانبين اثنين:
    1ـ التأثيرات المتبادلة المناعية. 2ـ خصائص الأضداد. وفيما يلي لمحة عن هاتين الناحيتين.
    مراحل حدوث الاستجابة المناعية: تحدث الاستجابة المناعية وفقاً للخطوات التالية (الشكل1):

20060713-031806.jpg
 
(الشكل -1) تمثيل مراحل حدوث الاستجابة المناعية
  


  ـ دخول المستضد إلى الجسم، ويشترط في هذا المستضد أن يكون مستمنعاً immunogénique.
    ـ يؤخذ المستضد من قبل إحدى البلعميات أو بعضها، ومن قبل خلية بائية محددة تحمل على سطحها مستقبلاً (IgD و IgM) تتطابق منطقته المتغيرة فراغياً region variable بالتتامية complémentarité مع المحددة المستضدية، أو الموضع المستضدي épitope.
    ـ تتعرف خلية تائية معينة المحددة المستضدية المرتبطة مع بروتين HLA- D والمعروضة على سطح البلعمية، فتتفعل الخلية التائية عندئذ، وتتحول إلى خلية تائية مساعدة.
    ـ تقوم الخلية التائية المساعدة بتفعيل الخلية البائية التي تعرض على سطحها نوع المحددة المستضدية نفسه. فتنقسم عدداً من المرات (نحو عشرة انقسامات) وتعطي 1000 خلية تقريباً (تشكل نسيلة واحدة)، معظمها يتحول إلى خلايا مصوّرية، تصطنع ضداً نوعياً، تفرزه في الدوران، في حين يتحول بعضها إلى خلايا ذاكرة، محتفظة على سطحها بالغلوبلين المناعي D، تتحول إلى خلايا مصورية (بلاسمية) مفرزة للضد عند دخول المستضد الجسم مرة ثانية. فإذا كان المستضد موجوداً في الدوران، فإن الضد الذي تفرزه الخلايا المصورية ينتسب إلى أحد صفيفات صف الغلوبلين المناعي G (IgG2 و IgG1 مثلاً). أما إذا كان المستضد موجوداً في أحد السوائل الإفرازية (اللعاب، والدموع، والعصارة الهضمية وغيرها)، فإن الغلوبلين المناعي المفرز هو (IgA) A. وإذا كان المستضد مادة مستأرجة allérgene (حبات الطلع أو الغبار المنزلي مثلاً)، فإن الغلوبلين المناعي المفرز هو IgE. وعندما يكون المستضد خلية مخموجة بالحمة (فيروس) أو خلية طافرة، أو طفيلياً (دودة البلهارسيا مثلاً)، أو خلايا من طعم أو عضو مزروع، فإن الخلية التائية التي تكتشف هذه الأجسام الغريبة تتفعل، وتصبح خليةً قاتلة للخلايا.
    خصائص الأضداد: توجد في الثدييات ومنها الإنسان خمسة صفوف classes من الغلوبلين المناعي immunoglobulines (Ig)، هي: IgM، وIgD، و IgG، و IgA، و IgE. وتتألف الصفوف IgM، و IgG، و IgA. من صفيفات sous- classes.
    وتحمل كل خلية بائية عذراء على سطحها نوعاً محدداً من IgM و IgD. وعندما تُفعل وتنضج، فإنها تفرز في الدوران IgM خماسي الجزيء.


20060713-031937.jpg
   (الشكل -2) تمثيل جزيء الغلوبلين المناعي IgG1) G). يرمز الحرف L إلى السلسلة الخفيفة، وH إلى السلسلة الثقيلة، وV إلى المنطقة المتغيرة، وC إلى النهاية الكاربوكسيلية وS-S إلى الرابطة الثنائية الكبريت ( M.Z.Atassi et al.1984)
   

يتألف جزيء الضد، بصورة عامة، من نوعين من السلاسل المتعددة الببتيد: سلسلتين ثقيلتين، يرمز لكل منهما بالحرف H (من heavy)، وسلسلتين خفيفتين، يرمز لكل منهما بالحرف L (من light) هما السلسلة لامدا والسلسلة كابا. أما السلسلة الثقيلة فلها خمسة أنواع، يحدد كل نوع صفاً من صفوف الغلوبلين المناعي، أي أن هنالك السلاسل الثقيلة التالية: ميو، ودلتا، وغاما، والفا، وابسيلون (أعطيت السلاسل أحرفاً يونانية تماثل الأحرف اللاتينية للصفوف). وتتألف كل سلسلة من قسمين، ثابت C (من constant)، ومتغير V (من variable). وتشكل المنطقة الثابتة في السلسلة الثقيلة ربع السلسلة أو خمسها، وتتقاسم المنطقتان الثابتة والمتغيرة السلسلة الخفيفة مناصفة تقريباً. وهنالك روابط ثنائية الكبريت تربط السلاسل بعضها ببعض (روابط ضمن نوع السلسلة الواحدة، وروابط بين السلسلتين الثقيلة والخفيفة). ويأخذ الجزيء (الشكل2) شكل حرف Y منفلق الأطراف، يتألف جذعه من نصفي السلسلتين الثقيلتين، في حين يتألف كل ذراع من نصف السلسلة الثقيلة تقريباً وكامل السلسلة الخفيفة. وتأخذ نهاية كل ذراع من الذراعين (نهاية المنطقتين المتغيرتين للسلسلتين الثقيلة والخفيفة) شكلاً فراغياً محدداً، يبدو على شكل جيب سطحي، يطلق عليه اسم الموضع الضدي site d,anticorps (أو paratope). ويختلف نوع الغلوبلين المناعي باختلاف الشكل الفراغي لهذا الجيب. فهناك إذن نحو 1×10 7 نوع من الأشكال الفراغية، الذي يمثل كل واحد منها نسيلة من النسائل الخلوية البائية.
    ويلخص الجدول (1) بعض خصائص صفوف وصفيفات الغلوبلينات المناعية.
    ولا تخرج ظاهرتا الأرجية وفرط التحسس عن كونهما نمطين خاصين من أنماط الاستجابة المناعية المتطرفة.
    الأرجية
تنجم ظاهرة الأرجية وفرط التحسس العاجل hypersensibilité immediate كما أشير في البدء عن التأثير المتبادل بين المستضد (المستأرج) وبين أحد صفوف الغلوبلين المناعي، وخاصة IgE الذي يتثبت على سطح الخلايا البدينة أو الأسسه، مسبباً تحرر الهيستامين الذي كان يوجد داخل هذه الخلايا. وقد قدمت الظاهرتان في تعريف واحد لأن الأرجية تدرس الآن على أنها شكل خاص من أشكال فرط التحسس العاجل. ولا بد من التأكيد أن تحرر الهيستامين والمواد الوسيطة الأخرى في الاستجابة المناعية السوية المتوازنة هو عمل دفاعي يسهم في
الجدول 1ـ الغلوبولينات المناعية وخصائصها.



الغلوبلين المناعي
IgG1
IgG2
IgG3
IgG4
IgM
IgA1
IgA2
*SIgA
IgD
IgE
السلسلة الثقيلة
غاما 1
غاما 2
غاما 3
غاما 4
ميو
الفا 1
الفا 2
الفا 1 أو الفا 2
دلتا
ابسيلون
متوسط التركيز في المصل (ميكرو غرام/ميلي لتر)
9
3
1
0.5
1.5
3.0
0.5
0.05
0.03
0.0005
ثابت التثفل (مقدراً بالوحدةS)
7
7
7
7
19
7
7
11
7
8
الوزن الجزيئي (كيلو دالتون)
146
146
170
146
970
60
160
385
184
188
الوزن الجزيئي للسلسلة الثقيلة
51
51
60
61
65
56
52
25-56
69.7
72.5
السكريات (%)
2-3
2-3
2-3
2-3
12
7-11
7-11
7-11
9-14
12
        ترمز SigA إلى الغلوبلين المناعي A المفرز (S من sécrétoire).

    التخلص من المستضد ومن تأثيراته الممرضة (في حالة الخمج بالجراثيم مثلاً). أما في الأرجية وفرط التحسس العاجل فإن الاستجابة المناعية تكون عنيفة، وتُحرر، بالتالي، كمية كبيرة من الهيستامين والأمينات الأخرى الفاعلة وعائياً.
    توجد الأرجية في نحو 10 بالمئة من السكان، وتنجم إما عن غبار الطلع لعدد من النباتات، وإما عن الغبار المنزلي (الذي يحوي مفصليات أرجل دقيقة جداً تدخل الجسم عن طريق التنفس)، وإما عن وبر الثدييات أو رياش الطيور. كما يمكن أن تكون الأغذية مصدراً للأرجية لدى بعض الأفراد. ويتطلب حدوث الاستجابة المناعية الأرجية دخول المستأرج الجسم في المرة الأولى، مما يسبب تحسيس الفرد نحو هذا المتسأرج، أي إن الخلايا البائية تصطنع الغلوبلين المناعي (IgE)E. الذي يصبح في الدم، فيرتبط عندئذ بسطح الخلايا البدينة أو الأسسة. ولدى دخول المستأرج الجسم في المرة الثانية يحدث التفاعل الأرجي.
    ولأن التماس الأول مع المستأرج يسبب تشكل الغلوبلين المناعي E (التحسيس) فلقد صُمم اختبار من قبل الباحث أوفاري Ovary عام 1964 للكشف في ثدييات المخبر عن وجود IgE فعال نحو مستأرج معين. وتؤخذ، في هذا الاختبار، كمية معينة من مصل أحد الثدييات (الفأر مثلاً) الذي يحتوي على IgE نوعي نحو مستضد معين، وتحقن تحت جلد الجرذ.
    ويتم في اليوم التالي حقن الجرذ عن طريق الوريد (بعيداً عن مكان الحقن الأول) بمحلول المستضد نفسه والذي أضيف إليه صباغ أزرق ايفانbleu d,Evans. وحيثما يلتقي المستضد بالغلوبلين المناعي E، الذي يكون عادة مثبتاً على سطح الخلايا البدينة للجلد، وخاصة في منطقة الحقن الأولى، يتم تحرر السيروتونين sérotonine والمواد الوسيطة الأخرى. وتسبب هذه المواد توسع الأوعية الدموية وزيادة نفوذيتها، مما يؤدي إلى تسرب جزيئات الصباغ من الشعريات الدموية في منطقة الحقن الأولى إلى النسج المحيطة، فتظهر عندئذ بقعة زرقاء. ويتناسب قطر البقعة الزرقاء مع كمية IgE التي حُقنت تحت الجلد. ولقد أطلق على هذا الاختبار تفاعل التأق الجلدي المنفعل reaction d,anaphylaxie cutanée passive (لأن الأضداد أتت من خارج الجسم). إن هذا التفاعل على درجة عالية من الحساسية، ويمكن الكشف بوساطته عن نانوغرام واحد فقط (1×10 –9 غرام) من IgE.
    أما في الإنسان، فيستخدم تفاعل بروسنيتز - كوستنر الذي يماثل أساساً تفاعل التأق الجلدي المنفعل. تُؤخذ في هذا الاختبار كمية محددة وتُحقن تحت الجلد في فرد متطوع لا أرجي. وإثر انقضاء يوم أو يومين، يحقن المستضد في منطقة الحقن الأولى، فإذا كان الضد IgE موجوداً في المصل الذي حقن أولاً، فإن الموقع الجلدي ينتفخ محمراً، ويأخذ شكل دولاب. وهذا ما يعرف أيضاً بتفاعل الدولاب والحُمامى reaction de roue d,érythéme، ويعبّر قطر الدولاب كما هي الحال في تفاعل أوفاري، تعبيراً دقيقاً عن تركيز الضد IgE الذي حقن في المرة الأولى.
    أما فيما يتعلق بآلية حدوث الاستجابة المناعية الأرجية، فتمر في طورين اثنين: طور التحسس، وطور فرط التحسس. ويمكن تلخيص الآلية الجزئية للأرجية على النحو التالي:
    ينتهي وصول المستأرج إلى الدم إلى ارتباطه بمستقبل نوعي على سطح إحدى الخلايا البائية.
    كما تأخذ هذا المستأرج إحدى البلعميات بالالتقام الخلوي، وتحلمهه، وتعرض مكونه الاستضدادي الاستمناعي على سطحها، مقروناً إلى بروتين الصف الثاني لمعقد التوافق النسيجي CMH، أي بروتين HLA-D. تتعرف عندئذ إحدى الخلايا التائية هذا المعقد، وتتحول إلى خلية تائية مساعدة، تُفَعِّل الخلية البائية التي صادفت المستأرج. تنقسم هذه الخلية عدداً من المرات، وتفرز الخلايا المصورية (البلاسمية) المشتقة منها الضد IgE النوعي للمستأرج. إن جزيء الضد هذا يرتبط بمنطقته الثابتة بمستقبلات خاصة على سطح الخلية البدينة أو الأسسة، وهذا هو طور التحسيس.

20060713-032058.jpg
(الشكل -3) تمثيل عام للنمط الأول من فرط التحسس. إن المستضد ينشط بمساعدة الخلية التائية المساعدة اصطناع غلوبلين مناعي lgE)E) نوعي من قبل الخلية البائية B)ε). إن lgE النوعي يرتبط بوساطة الكسرة القابلة للتبلور RFCε  إلى مستقبل موجود على سطح الخلية البدينة، فتصبح خلية محسسة. وعندما يدخل المستضد مرة ثانية يعمل كجسر يربط بن جزيئين من lgE، فيؤدي هذا إلى زوال  تحبحب الخلية البدينة،  
وتحرر المواد الوسيطة الفاعلة وعائياً، التي تسبب ظهور الأعراض المميزة لفرط التحسس العاجل، كالربو، أو حمى الكلأ، أو الأكزيمة.
   

وعندما يدخل المستأرج الجسم من جديد، فإن كل جزيء منه يرتبط بجزيئين من IgE مثبتين على سطح الخلية البدينة أو الأسسة.
    ويثير هذا الارتباط سلسلة من التفاعلات، تنتهي بتمزق الحويصلات الموجودة داخل هذه الخلايا، وتحرر محتوياتها من الهيستامين والمواد الوسيطة الأخرى. وتعرف هذه الظاهرة بزوال تحبحب dégranulation الخلايا البدينة. وهذا هو طور فرط التحسس. ويمثل الشكل 3 آلية حدوث الاستجابة المناعية الأرجية.
    ولا بد من الإشارة إلى أن الدراسات الوبائية قد أظهرت وجود استعداد وراثي للإصابة بالأرجية. فلقد اتضح أن احتمال إصابة الأبناء المنحدرين من أبوين أرجيين هو قرابة ضعف الاحتمال الموجود لدى أبناء منحدرين من أبوين أحدهما أرجي، وإن هذا الاحتمال الأخير هو ضعف الاحتمال الموجود لدى أفراد منحدرين من أبوين كلاهما غير أرجي.
    فرط التحسس
    ينجم فرط التحسس عن استجابة مناعية متطرفة. فعندما يتعرض المرء لمستضد كان قد تعرض له مسبقاً تحدث استجابة مناعية، تكون عادة سوية متوازنة، وظيفتها الدفاع عن الجسم.



20060713-032242.jpg
(الشكل -4) تمثيل يلخص الخصائص المميزة لأنماط فرط التحسس الأربعة، النمط الأول: تثبت الخلية البدينة lgE بواسطة الكسرة القابلة للتبلور Fc، فعندما يدخل المستضد في المرة التالية يتشكل جسر بين جزيئي lgE فيؤدي ذلك إلى زوال التحبحب.
النمط الثاني: تتشكل أضداد موجهة ضد مستضد يتوضع على سطح الخلية (خلية مستهدفة)، فيحدث عندئذ تفعيل لخلية قاتلة للخلايا K، أو يحدث حل للخلية المستهدفة بواسطة المتممة.
النمط الثالث: يترسب معقد المناعي في النسيج فتتفعل المتممة، وتنجذب متعددات النوى إلى الموقع، مسببة آفة نسيجية.
النمط الرابع: لدى التماس الثاني مع المستضد، تتحرر خلية تائية كانت قد تحسست بالمستضد، تحرر ليمفوكينات تحدث تفاعلاً التهابياً، مما يفعل البلعميات ويوجهها نحو الموقع.
   



ولكن يحدث في بعض الأحيان أن يكون التفاعل المناعي عنيفاً، فيؤدي عندئذ إلى تلف نسيجي، تتوافق أهميته ومدى إفراط الاستجابة المناعية. وهذا ما يحدث عندما يكون تركيز المستضد مرتفعاً، أو عندما يكون مستوى الحالة المناعية الخلطية والخلوية عالياً. ووفقاً للدراسات التي قام بها كومبس Coombs وغيل Gell عام 1975 يمكن تصنيف حالات فرط التحسس في الأنماط الأربعة التالية (الشكل 4):
    النمط الأول: فرط التحسس العاجل hypersensibilité immediate، وتشكل الأرجية الظاهرة الرئيسة في هذا النمط.
    النمط الثاني: فرط التحسس السام للخلايا المنوط بالضد hypersensibilité cytotoxique dépendant d,anticorps
    النمط الثالث: فرط التحسس ذو المعقد المناعي hypersensibilité à le complexe immun.
    النمط الرابع: فرط التحسس الآجل hypersensibilité retardée وفيما يلي الملامح الأساسية لكل نمط من هذه الأنماط.
    1ـ فرط التحسس العاجل: تمثل ظاهرة الأرجية الجانب الأساسي في فرط التحسس العاجل.
    والتأثير الضار للاستجابة المناعية المتطرفة غالباً ما يكون محدوداً، بيد أن هناك فرط تحسس عاجل، يتناول الجسم بكامله، ينتهي بالمصاب إلى الموت. ولقد لوحظت ظاهرة فرط التحسس العاجل الشامل هذه، أول ما لوحظت، في خنزير الهند (القبيعة) cobaye. فإذا حُقن هذا الحيوان بمقدار ميلي غرام واحد من مستضد بروتيني ما، كألبومين البيض مثلاً، فإن الحيوان لا يبدي أية ردود فعل مناعية ظاهرية، أما إذا كُرر الحقن بعد انقضاء أسبوعين أو ثلاثة على الحقن الأول، فإن القبيعة التي تم تحسيسها بالحقن الأول (طور التحسيس، يرجع إلى الأرجية) ترد رداً عنيفاً، ويحدث فيها تأق شامل فتعاني من أزيز ربوي wheezing حاد، وتموت بعد بضع دقائق اختناقاً نتيجة التضيق الشديد في المجاري التنفسية، وينجم هذا التضيق عن التقلص العنيف للعضلات الملس. ويرافق ذلك توسع واضح في الأوعية الشعرية الدموية (طور فرط التحسس).
    وتحدث هذه الأعراض نتيجة زوال تحبحب الخلايا البدينة والأسسة، وتحرر كميات كبيرة من الهيستامين، والأمينات الأخرى الفاعلة وعائياً amines vasoactives ويمكن القول إن فرط التحسس العاجل هو تفاعل أرجي شامل ومبالغ فيه.
    2ـ فرط التحسس السام للخلايا المنوط بالضد: يمكن تعريفه بأنه استجابة مناعية يستهلها تفاعل ضد نوعي مع مستضد خلوي أونسيجي وتنتهي هذه الاستجابة بتدمير الخلايا الهدف والنسج المحيطة بها. إن الاستجابة المناعية تحدث إذن بسبب وجود خلايا أو نسج غريبة، تعمل بروتينات أغشيتها مستضدات.
    كما أن تدمير هذه العناصر اللاذاتية يتطلب إسهام المتممة complément، أو خلايا مستفعلة cellules effectrices، كالقاتلات الطبيعية NK والعدلات neutrophiles، والبلاعم، والوحيدات monocytes ويبدو إسهام هذه العناصر اللاخلوية (المتممة) والخلوية أمراً بديهياً إذا عرف أن الاستجابة المناعية موجهة نحو خلايا ونسج (كالخلايا الطافرة والطفيليات - دودة البلهارسيا مثلاً - والأعضاء المزروعة)، ليس ضد جزيئات بروتينية منحلة.

20060713-032406.jpg

(الشكل -5) تمثيل آلية تأثير المتممة في فرط التحسس من النمط الثاني (فرط التحسس القاتل للخلايا المنوط بالضد). يتثبت الضد على المستضد المحمول على غشاء الخلية المستهدفة فيفعل المكونة الأولى للمتممة Cl، مما يفسح المجال أمام المسلك المدرسي للمتممة. وتتوضع في المرحلة التالية C3 وC4b2b2b على سطح الخلية المستهدفة. وتقوم C3b بدور الطاهية opsonlsant بالنسبة لخلية تحمل مستقبلاً ملائماً. ويتفعل المسلك الانتهائي المحل للخلية المستهدفة بوساطة الأنظيم المحلمهة للمكونة C5 convertase)C5) مؤدياً إلى آفة في غشاء الخلية المستهدفة تنجم عن تأثير المعقد المحل C5-9
  
  إن القطاعين الثابتين الثاني والثالث من السلسلة الثقيلة للجزيء، واللذين يعرفان بالرمزين CH2 و CH3، ويشكلان جذع حرف Y. إن هذين القطاعين يحملان مستقبلاً نوعياً للمتممة، ومستقبلاً نوعياً آخر للوحيدات، وربما للقاتلات الطبيعية والعدلات أيضاً. وتحدث عملية تدمير الخلايا الغريبة عندما يتم تفعيل المتممة أو الخلايا المستفعلة المشار إليها آنفاً بارتباطها بالمستقبل النوعي في جزيء الضد المقترن بالمستضد، يؤدي هذا التفعيل إلى حل lysis غشاء الخلية الهدف، أو حرقها بالجذور الغنية بفوق الأكاسيد. ويلخص الشكل 5 آلية تأثير المتممة في ظاهرة فرط التحسس القاتل للخلايا المنوط بالضد (النمط الثاني).
    والمتممة هي جملة أنظيمات بروتينية تشاهد في مصل الدم السوي، وتتحد مع المعقد المستضدي - الضدي antigen- antibody.
    تتألف المتممة من تسعة مركبات يرمز إلى كل واحد منها بالحرف C وتعطي أرقاماً متسلسلة من C1  حتى C9. وتنقسم C1  إلا ثلاثة أقسام هي: C1S و C1r و C1q.
    تحل جملة المتممة الخلايا التي تم تحسيسها بالضد النوعي فتسبب حل الجراثيم والكريات الحمر، كما أنها تقوي تأثير التفاعل بين المستضد والضد. إن أي ضد من صنف IgG أو IgM قادر على تفعيل activation العامل الأول C1 وهذا بدوره يفعِّل C4 و C2 وهما يفعلان C3 وهو العامل الموجود بمقادير أوفر من سواه في مصل الدم. ثم تتفعل العوامل التالية واحداً بعد آخر بالترتيب الرقمي ليتم تفعيل الجملة بكاملها.
    تنشطر جزيئات C3 المفعلة إلى C3a الذي ينطلق وC3b الذي يبقى متصلاً بالمستضد. يقوم C3a بعمل ذيفان متئق anaphylatoxine فيسبب انطلاق الهيستامين وسائر الكينينات Kinins فيحدث توسعاً وعائياً وازدياداً في نفوذية الأوعية وتقبضاً في القصبات. كما أنه يجتذب كثيرات النوى وسائر الخلايا الالتهابية إلى مكان التفاعل الالتهابي بآلية كيمياوية.
    أما الجزيء C3b فيتحد مع C1 و C4 وC2، على سطح الخلية المستهدفة target ويحرض على التصاق البلاعم وكثيرات النوى بها، ومن ثم بلعمة المعقدات المناعية.
    ويكون عمل C5 و C6 وC7 اجتذاب كثيرات النوى وسائر الخلايا الالتهابية إلى مكان التفاعل الالتهابي. ويحدث تفعيل C8 و C9 تخرب الغشاء الخلوي إذا جرى التفاعل على جرثومة أو كرية حمراء.
    3ـ فرط التحسس ذو المعقد المناعي:
    من المعروف أن يتم في كل مرة يلتقي فيه ضد بمستضده تشكل معقد مناعي يتخلص الجسم منه عادة بخلايا الجهاز البطاني الشبكي. ولكن يحدث في بعض الحالات أن يثير تشكل هذا المعقد تفاعل فرط التحسس. وهذا هو فرط التحسس ذو المعقد المناعي. ويمكن تصنيف الحالات المرضية التي تنجم عن فرط التحسس هذا في مجموعات ثلاث: ففي المجموعة الأولى عندما يكون هناك خمج مزمن، كالتهاب الشغاف الذي تسببه المكورات العقدية من النمط الفا الحالّة للدم أو المكورات العنقودية، أو كالبرداء paludisme، التي تسببها المتصورة النشيطة plasmodium vivax أو التهاب الكبد الحُمَوي (الفيروسي) المنشأ hépatite virale فإن استمرار وجود العامل الخمجي المترافق مع استجابة مناعية ضعيفة، يؤدي إلى تشكل معقدات مناعية تترسب تدريجياً في النسج المصابة.
    وفي المجموعة الثانية، تنجم عن بعض الأمراض ذات المعقدات المناعية مضاعفات تزيد من حدة عدد من أمراض المناعة الذاتية maladies auto-  immunes. ذلك أن التشكل المستمر لأضداد موجهة باستمرار إلى تكوّن معقدات مناعية. ولأن البلاعم والبلعميات الأخرى المسؤولة عن التقام الأجسام الغريبة، تكون مثقلة بهذه المعقدات. فإن هذه الجزيئات تترسب في النسج المعنية. وهذه هي حالة الذَّأَب الحُمامي المنتشر lupus érythémateux disséminé  (LED).
    وفي المجموعة الثالثة، يمكن أن تتشكل المعقدات المناعية بوجود مستضدات «خارجية المنشأ»، وهذا ما يحدث في الرئتين مثلاً نتيجة الاستنشاق المتكرر لمستضدات نباتية أو فطرية أو حيوانية المنشأ، ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة في الأسناخ الرئوية الأرجية بمستأرج خارجي المنشأ، وذك كما هي الحال في رئتي مفرطي التدخين، أو الفلاحين الذين يتعرضون باستمرار للكلأ الرطب إذ تتشكل في دمائهم أضداد مضادة لعدد من الفطور، أو مربي الطيور الذين يستنشقون باستمرار حُمات (فيروسات) طيرية. إن الأضداد التي تتشكل ضد هذه المستضدات ليست IgE الذي يسبب عادة فرط التحسس العاجل (النمط الأول)، إنما هي IgG بصورة أساسية.
    وبديهي، وفقاً لما سبق، أن يسبب فرط التحسس ذو المعقد المناعي التهاب النسج التي تصبح مكاناً لترسب هذا المعقد، وغالباً ما ينجم هذا الالتهاب عن تفعيل بروتيني المتممة C3 و C5 (يرجع إلى النمط الثاني من فرط التحسس).
    ويتضمن هذا التفعيل شطر كل من المركبين C3 و C5 إلى قطعة كبيرة هي C3b أو C5b، وقطعة صغيرة هي C3a، أو C5a. وتتمتع القطعتان C3a و C5a بخاصتين أساسيتين: فهما ذيفان مُتئق، وجاذب كيماوي chimiotactique. إن وجود هذين البروتينين في نسيج ما يسبب تحرر الأمينات الفاعلة وعائياً   amines vasoactives من الخلايا البدينة ومن الأسسات، مما يؤدي إلى ازدياد النفوذ الوعائي وتوارد عدد كبير من متعددات النوى. إن توضع المعقد المناعي في النسيج المعني يجعل التقامها من قبل متعددات النوى التي انجذبت إلى ذلك الموضع أمراً صعباً.
    ويدفع هذا الوضع بمتعددات النوى لتحرر أنظيمات جسيماتها الحالّة في النسيح المصاب، مما يؤدي في نهاية الأمر إلى تكوّن آفة نسيجية تنكسية.
    ويمكن دراسة تفاعل أرتوس reaction d,Arthus طرازاً تجريبياً لفرط التحسس ذي المعقد المناعي، الذي يُعد ارتكاساً موضعياً ينجم عن وجود مستضد خارجي المنشأ.
    ويعمد عملياً إلى إيضاح تفاعل أرتوس في منطقة محددة من الجسم تحتل جدار وعاء دموي وجزءاً من المنطقة المحيطية بهذا الجدار، وغالباً ما يبرهن على حدوث هذا التفاعل في الجلد. ويتم عادة تحسيس حيوان التجربة بإعطائه جرعات منتظمة من المستضد حتى يرتفع تركيز الضد القابل للترسب، وخاصة الغلوبلين المناعي (IgG) G ارتفاعاً واضحاً، وحينما يحقن المستضد تحت الجلد يحدث تفاعل التهابي، يبلغ ذروته في 4 إلى 10 ساعات (وسطياً 5 إلى 6 ساعات). وتتشكل في منطقة الحقن وذمة يتناسب حجمها وكمية المستضد المحقونة. وغالباً ما يترافق هذا التشكل مع حدوث نزف داخلي. ويتراجع التفاعل تدريجياً، ولا تبقى منه إلا آثار محدودة بعد  24ساعة.
    لقد بينت الدراسات التي استخدمت فيها تقنية التألق المناعي immunofluorescence أن المستضد، والضد، والمتممة تترسب كلها على جدار الوعاء الدموي المعني، ويعقب هذا الترسب اجتياح متعددات النوى تلك المنطقة، مما يؤدي إلى تكدس الصفيحات، التي قد تسبب، في الحالات المتطرفة، انسداد الوعاء، وحدوث نخر خلوي. ويتم بعد مضي مدة تراوح بين 24 و 48 ساعة  على عملية الحقن الاستعاضة عن عديدات النوى بعدد مماثل من وحيدات النوى، ترافقها أحياناً بعض الخلايا المصورية (البلاسمية). ولقد أوضحت هذه الدراسات أيضاً أن تفعيل المتممة شرط أساسي لحدوث تفاعل أرتوس، وأن غياب عديدات النوى يجعل التفاعل مقتصراً على وذمة متوسطة الحجم غير مترافقة مع نزف داخلي.
    إن شدة التفاعل، كما هو متوقع، ترتبط بنسبة الضد إلى المستضد، إذ أن كمية المعقدات المتشكلة في حال تعادل تركيز عنصري التفاعل تكون أعلى مما لو كانت هنالك زيادة في الضد، أوزيادة في المستضد. ويكون التفاعل في الحالتين الأخيرتين كلتيهما أقل حدة.
    4ـ فرط التحسس الآجل: بناء على التصنيف الذي وضعه كومبس وغيل فإن ظاهرة فرط التحسس الآجل (فرط التحسس ذي الوساطة الخلوية hypersinsibilité à mediation cellulaire) تضم كل حالات فرط التحسس التي يتطلب ظهور الأعراض فيها أكثر من اثنتي عشرة ساعة، خلافاً لأنماط فرط التحسس الثلاثة السابقة، فإن فرط التحسس الآجل لا يمكن نقله من حيوان إلى آخر بوساطة المصل إنما يمكن نقله بالخلايا التائية، التي تؤدي، على ما يبدو، دوراً بارزاً في فرط التحسس الآجل.
    ويجمع المؤلفون على أنه يمكن وضع حالات فرط التحسس الآجل كافة في أربع مجموعات، تضم الثلاث الأولى منها حالات فرط التحسس التي يحتاج ظهور الأعراض فيها إلى مدة تراوح بين 12 و 72 ساعة بعد دخول المستضد الجسم.
    أما في المجموعة الرابعة فإن ظهور الأعراض يتطلب أسابيع. ولكن على الرغم من هذا التصنيف، الذي اتُخذ فيه زمن ظهور الأعراض معياراً أساسياً، فإن فرط التحسس الذي يصيب الأفراد غالباً ما تدخل أعراضه في أكثر من مجموعة، كما يمكن للمستضد الواحد أن يثير فرط تحسس يمكن تصنيف مراحله في مجموعتين مختلفتين، تتعاقبان الواحدة إثر الأخرى.
    المجموعة الأولى: فرط تحسس جونس موت: تظهر أعراض هذه المجموعة إثر انقضاء مدة 24 ساعة حداً أقصى على التعرض للمستضد.
    ويمكن إحداث فرط تحسس جونس موت بالقبيعة بحقن مستضد بروتيني، كألبومين البيض ovalbumine مثلاً مع مساعد فروند غير التام adjuvant incomplet de Freund (الذي هو زيت معدني خاص) في الجلد. وتظهر أول أعراض فرط التحسس عندئذ إثر انقضاء نحو 10 ساعات، وتبلغ ذروتها بعد 14 ساعة.ويتميز فرط تحسس جونس موت باجتياح الأسسات لأدمة منطقة الحقن. أما إذا حقنت القبيعة بالمستضد ذاته إنما مع مساعد فروند التام adjuvant complet de Freund (الذي هو خلاصة الجراثيم المتطفرة ممزوجة بالزيت المعدني) فتظهر عندئذ أعراض التفاعل السليني (المجموعة الثالثة)، وتجتاح المنطقة كريات بيض، لا تشكل الأسسات إلا جزءاً بسيطاً من مجموعها (خلافاً لفرط تحسس من نمط آخر يشبه كثيراً التفاعل السليني، وتظهر أعراضه متأخرة نسبياً، إذا ما حقنت القبيعة بألبومين البيض ممزوجاً مع مساعد فروند غير التام، ومن ثم عولج الحيوان بمادة السيكلوفوسفاميد cyclophosphamide.
    يتضح مما سبق أن مستضداً محدداً يمكن، إذا ما حقن بشروط مختلفة، أن يسبب ظهور أعراض مجموعتين على الأقل من المجموعات الأربع لحالات فرط التحسس الآجل.
    المجموعة الثانية: فرط تحسس التماس: يُتفق عامة على أن الحد الأدنى للزمن اللازم لظهور الأعراض الناجمة عن فرط تحسس التماس هو 48ساعة، وتصل الأعراض ذروتها إثر انقضاء 72 ساعة، على التعرض للمستضد، وتتميز هذه المجموعة سريرياً بحدوث إكزيمة (نملة) eczéma في منطقة التماس. ويشكل معدن النيكل ومادة الأكريليك، وكلاهما يدخلان في بنية الكاوتشوك، المحسس الأساس في أوربة، في حين تشكل أشجار السماق والسنديان السامة المصدر الرئيس للمستأرج في الولايات المتحدة الأمريكية.
    ولأن جزيئات هذه المواد لا تثير بمفردها استجابة مناعية بسبب صغر وزنها الجزيئي، فقد أمكن البرهان على أن هذه المواد وبعد دخولها الجسم عن طريق الجلد، ترتبط بأحد بروتينات الذات (الجسم)، بروابط تكافئية أو لاتكافئية.
    وغالباً ما يحدث هذا الارتباط بالزمرة الأمينية (NH2) للحمض الأميني الليزين الموجود في البروتين. عندئذ فقط يصبح المستأرج مستمنعاً، وتستطيع عندئذ التائيات أن تميز هذا المعقد المقترن والمؤلَّف من المستأرج والبروتين الحامل له، تميزه ككل تمييزاً نوعياً. وعلى ما يبدو، فإن ارتباط المستأرج بالبروتين الحامل يغير من الشكل الفراغي لهذا البروتين، إذ تستطيع التائيات تمييز بروتين الذات بعد أن اقترن بالمستأرج. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه أمكن التوصل إلى هذه المعلومات عن طريق استخدام المستأرج الثنائي نيترو الكلوروبنزين dinitrochlorobenzéne.
    المجموعة الثالثة: فرط التحسس السليني: كان كوخ Koch (مكتشف العصية السلية) أول من وصف فرط التحسس السليني، فقد لاحظ أن حقن مادة السلين tuberculine، وهي بروتين شحمي يستخلص من العصيات السلية، تحت الجلد يثير، لدى المرضى بالسل، تفاعلاً حمياً وتوعكاً عاماً. ويرافق هذا التفاعل تشكل جسوء induration وورم في نقطة الحقن وقد وجد فيما بعد أن مستضدات عدة قابلة للانحلال بالماء، استخلصت من المتفطرة السلية Mycobacterium tuberculosis والمتفطرة الجذامية Mycobacterium leprae، والليشمانية الاستوائية Leishmania tropica، تستطيع أن تثير تفاعلاً مماثلاً لدى أفراد محسسين نحو هذه المستضدات (أي تعرضوا مسبقاً للخمج بهذه العوامل الممرضة). وغالباً ما يستخدم هذا التفاعل الجلدي اختباراً لمعرفة احتمال أن يكون الفرد قد سبق وتعرض للخمج بجرثوم معين.
    كما اتضح من الدراسات التي أجريت في هذا النطاق أن مستضدات غير جرثومية تستطيع إحداث التفاعل السليني. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن السل والجذام يعدان مرضين من أمراض فرط التحسس ذي الورم الحبيبي.
    أما التغيرات الخلوية - النسيجية التي ترافق حدوث هذا التفاعل، فإن منطقة الحقن تصبح، بعد انقضاء مدة 24 ساعة، مشحونة بالخلايا الوحيدة النواة، التي يكون نصفها تقريباً من اللمفويات، والنصف الآخر من البلاعم.
    ويلاحظ في منطقة التفاعل لدى الإنسان ندرة متعددات النوى. ويزداد عدد اللمفويات بعد انقضاء 48 ساعة، إذ تتوضع بغزارة بين الألياف الضامة. أما نسبة البلاعم فتتناقص تدريجياً.
    وعلى الرغم من أن التفاعل يصل في هذه المرحلة ذروته، فإن تحوله من النمط السليني إلى النمط الحبيبي أمر غير بعيد الاحتمال، ذلك أن هذا التحول يعتمد على استمرار وجود المستضد.
    وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن التفاعل السليني لا يتميز بوجود عدد كبير من الأسسات في منطقة الحقن.
    المجموعة الرابعة: فرط التحسس ذو الورم الحبيبي: لأن فرط التحسس ذا الورم الحبيبي مسؤول عن معظم التأثيرات المرضية التي تشتمل على استجابة مناعية خلوية (وساطة التائيات) à médiation cellulaire T، فإن هذا النمط من فرط التحسس يعد، من الناحية السريرية، أهم أنماط فرط التحسس الآجل. وينجم فرط التحسس ذو الورم الحبيبي عن استمرار وجود مستضد ما - غالباً ما يكون أحد الأحياء المجهرية - في البلاعم التي لا تستطيع تدميره (أي حلمهة مكوناته). وقد ينجم فرط التحسس ذو الورم الحبيبي هذا عن استمرار وجود المعقد المناعي، كما هي الحال في الأسناخ الرئوية الأرجية.

الجدول 2 خصائص مجموعات فرط التحسس الآجل



المجموعة
جونس - موت
التماس

السليني
الورم الحبيبي
زمن التفاعل
24ساعة
48ساعة
48ساعة
4أسابيع
المظاهر السريرية
تورم الجلد
إكزيمة
جسوء موضعي وورم قد يترافق مع حمى
جسوء جلدي
المظاهر النسيجية
الأسسات واللمفيات ووحيدات النوى
وحيدات النوى، تشكل وذمة، احتقان الأدمة
وحيدات النوى واللمفيات والوحيدات، ندرة متعددات النوى
خلايا ظهرانية ورمية، خلايا عملاقة، بلاعم نخر خلوي، تليف
المستضد
المستضدات المحقونة في الجلد، كالبومين البيض
تماس جلدي مع النيكل والمطاط مثلاً أشجار السماق والسنديان السامة
حقن السلين في الجلد. مستضد المتفطرات السلية والجذامية والليشمانيات
استمرار وجود المستضد أو المعقد المناعي ضمن البلاعم، أو المادة اللااستضدادية كالطلق مثلاً
     وتؤدي الظاهرة إلى تشكل ورم حبيبي granulome، يتألف من خلايا ظهرانية èpithelioide. وعلى الرغم من أن المظهر النسيجي لفرط التحسس ذي الورم الحبيبي يختلف اختلافاً واضحاً عما يحدث في التفاعل السليني، فإن كليها يمكن أن يحدثا نتيجة تحسيس الجسم بمستضد واحد، كالمتفطرة السلية أو المتفطرة الجذامية مثلاً. وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن لأرجية الزركونيوم أن تؤدي إلى تشكل ورم حبيبي مناعي المنشأ يشبه الورم ذا الأصل الجرثومي. كما يمكن تحريض تشكل الورم الحبيبي بمواد ليست استضدادية، كالطلق talc، مثلاُ، ذلك أن البلعميات لا تستطيع تفكيك هذه المادة. ويمكن تمييز هذا الورم الحبيبي اللامناعي بغياب اللمفيات من منطقة الآفة. وعلى الرغم من أن جميع حالات فرط التحسس ذي الورم الحبيبي تتميز بوجود الخلايا الظهرانية فإن أصل هذه الخلايا لا يزال مجهولاً، ويرجع البعض أنها مشتقة من البلعميات المفعَّلة. ويلاحظ أيضاً في فرط التحسس ذي الورم الحبيبي وجود خلايا لانغرهانس Langerhans.
    وتشتمل هذه الخلايا العملاقة على عدة نوى محيطية التوضع، وعلى حويصلات تحتل المنطقة الموجودة تحت الغشاء الخلوي مباشرة، وعلى عدد من المتضمنات inclusions، كما تحوي هذه الخلايا شبكة هيولية داخلية reticulum endoplasmique ضامرة، وتبدو المصورات الحيوية (الكوندريوم) فيها، وكذلك الجسيمات الحالة، كأنها تعاني من التنكس.
    ويمكن لهذا التنكس أن يزداد، مؤدياً إلى تخرب البنية الخلوية بأكملها، وحدوث النخر الخلوي المترافق مع التليف.
    ويلخص (الجدول 2) الخصائص الأساسية لمجموعات فرط التحسس الآجل الأربع.